الظّروف المعيّنة مثل الجنف (الانحناء)
العلاج الأمثل لمشاكل العمود الفقريّ يتطلب معرفةً إكلينيكية وفهماً، وهذا لا يمكن تحصيله إلا بعد دراسة متخصصة للعمود الفقري والتمرس علي معالجته لسنواتٍ عدّةٍ. و بالنسبة لي فأنا أمارس العلاج التأهيلي منذ سنة 1969، وأنا من الاختصاصيين في التعامل مع الحالات المزمنة والمستعصية لآلام العمود الفقري والتي لم تستجب لتقويم العظام أو العلاج التقويمي.
التّمارين و العناية بالظهر: استشر طبيبك قبل قيامك بأيةّ تمارين
بادئ ذي بدءٍ، هناك بعض النصائح الأساسيّة القليلة التيّ أريد أن أشاركها معك، وهي تنطبق بوجهٍ عامٍ علي جميع حالات ألم الظهر.
أولاً: أحرص ألاّ تشتري تلك المنتجات السخيفة التي تزعم أنها قادرة علي "شد ظهرك". مدّ ظهرك رأساً على عقب، أو تلك التي تستعمل قوّة الجذب. إنَّ الأجهزة ذات البكرات، والتي تستعمل الضغط القويّ لن تعالجك، و لكنّ على الأقلّ لن تتسبب لك في أيّ أذىً.
ثانياً: كلّ التمارين الخاصة بالظهر من الواجب أن تمارس وأنت مستلقٍ إلى أسفل.
ثالثاً: بعكس الاعتقاد الشائع، لا تجلس منتصب الظهر، بل ارتكز بزاويةٍ علي مقعدك مدعماً بوسادةٍ (بدون انحناء)
رابعاً: عند رفعك للأشياء، احرص علي ثني ركبتيك محافظاً علي استقامة ظهرك، وإبقاء ذقنك مرفوعةً، حتى إذا بدا شكلك كوميدياً. فإن هذا سيغلق الفقرات في ظهرك ويمنعها من الحركة كما أنه سيقلل أيضاً من توترها.
خامساً: من العوامل الأساسية إبقاء عضلات المعدة في القصّ لتقليل الضّغط على الظّهر. فبما أن العمود الفقري تدعمه أساساً عضلات الجذع من الأمام و من الخلف ، فإذا كانت عضلات المعدة ضعيفة (مثلما يحدث في حالات الفتق السُـــرّي) فإن أفضل معالجة في العالم قد لا يمكنها أن تمنع الانتكاسة وعودة مشاكل الظهر.
بالنسبة إلى الكلمة غير المستحبة "تمرينات"، فإن ثمة نوع من الإغراء الطبيعي لتقليل الحركة على أمل تجنُب الألم، لكنّ إذا أمكنك حاول أن تفرد وتمد جسدك (مثل الهرة) كلّ صباح قبل مغادرتك للفراش. قوِّّس ظهرك برقّة في كلّ الاتجاهات، وانحن مستنداً على الأربعة أطراف، وذلك علي وجه الخصوص لمطّ و إطالة العضلات الخلفيّة أثناء شدّ معدتك وتمديدّ جسمك متبعاً الطّريقة التي يَُصليّ بها المسلمون. و بينما أنت متكئيٌ على يديك و ركبتيك حاول تحريك جذعك بلطفٍ في اتجاه اليمين واليسار، لأن هذا يساعد علي إبقاء العمود الفقريّ مرناً.
وهناك حركة أخرى مفيدة يمكنك أدائها علي الأرضيّة، أو حتى أثناء استلقاءك في السّرير، وهي أن تستلقي على جانبك بينما تحني ركبتيك قليلاً، ثم قم بتحريك أو هز الجذع و در ذهابًا وإيابًا لليّ عمودك الفقريّ بلطف وأنت لا تحتاج لإطاحة رأسك إلى خارج الوسادة، علماً بأنك لا تحتاج لأداء تلك الحركة الهازّة إلى المقاييس الأوليمبيّة! إنما بكل لطف وبدون ارتجاج أعكف علي هزّ جذعك ذهابًا وإيابًا مشابهاّ إلى حدّ ما الطّريقة المتبعة في هزّ مهد طفل رضيعٍ. و انتبه إلى الإحساس بكيفية انحلال وتمدد عمودك الفقريّ بينما تبقى أرجلك إلى جانب واحد، و يمكنك بعد ذلك أن تستدير علي جانبك الآخر لإعادة التّمرين و من الممكن أن تثني ركبتيك أكثر مع تتابع المراحل وتقربهما إلى صدرك، مع استمرارية الاستلقاء على جانبك لإفادة الجزء العلويّ من العمود الفقريّ .
و بالنسبة إلى إبقاء عضلات معدتك في القصّ (وهو في غاية الأهمية) تحتاج ببساطة لأن تستلقي بالفراش علي ظهرك محاولاً جذب ركبتك نحو معدتك مع إمساك قدميك وتحريكهما قليلا لإحكام الضغط علي معدتك.
وللحصول علي نتيجة، جرب تلك الحركات البسيطة بانتظام، فهي في الواقع " تمرينات"!
وقد يجنبك ذلك الحاجة لزيارتنا للعلاج إذا كانت حالة ظهرك قد نتجت بسبب مشكلة صغيرة.
وتلك التمرينات يمكن، بالطبع، أن تُؤّدَى باستخدام حامل الظهر الذي ننتجه ونوفره لجميع مرضانا.
العلاج الطبيعيّ
العلاج الطبيعيّ
بالنسبة لمشاكل العمود الفقري طويلة الأمد، فإنَّ نجاح أيّ علاج يعتمد على تشخيص دقيق مبنيٌ علي حالة المريض، وهنا فإن الخبرة تلعب دوراً حاسما وجوهرياً.
ما أكثر عدد المرات التي استمع فيها الواحد منا للقصص المرعبة عن مريضٍ مسكينٍ أوقعه سوء الحظ مع ممارسٍ يتلمس الظلام! محاولة أية وسيلة في جعبته بلا جدوى، ولا عجب، فليست تلك هي الوسيلة الواجب إتباعها لمعالجة مشاكل الظهر.
ولكن، من الناحية الأخرى فإن تحريك العمود الفقري يتم بطريقة لطيفة و آمنة لتحرير الأعصاب المحبوسة و تنظيم الفقرات و الأقراص المتزحزحة من موضعها.
عادةً ما تتحرك المفاصل تبعاً لتحرّكات الجسم نفسه (الحركة الفعّالة)، ولكنّ المفاصل يمكن أن تُخْضَع أيضاً للحركة السلبية، وهذا يتم من خلال تحريكها بواسطة شخص آخر. وتلك الإجراءات تتطلب العديد من السنوات لتعلمها، لا سيما الطريقة الصّحيحة لتحرير أو إعادة توجيه المفاصل المتصلبة. فالمريض لا يمكنه أن يحرك مفاصله بأكثر مما يستطيع أن يقفز على ركبتيه، و لذلك فدور ومهمة الممارس التأهيلي الماهر في التحريك أساسيّة.
إن فرع طب العظام المختص أساسا بالتعامل مع العمود الفقري معروف باسم "ميتلاند –سيرياكس" وقد كتب هذان الأستاذين دراساتهما المتاحة والمتوفرة في أغلب المكتبات الطبية، لأولئك الراغبين في الاستزادة من المعرفة في مجال طب العمود الفقري.
إن الطريقة المثلى الخاصة بعلاج أغلب حالات العمود الفقري هي تحريك المفاصل المصابة لتحريرها من التقلص، و لزيادة مرونة تلك الأنسجة الطريّة التي من المحتمل تسببها في الضغط على الأعصاب الفقرّية. ويتم تحقيق ذلك بعد إجراء مجموعة جلسات قليلة ( أو ما يقدر ب 14 إلى 20 في الحالات المزمنة و الصعبة فعلياًً) فإن المريض سيشعر بتحسنٍ جذري كنتيجة لمعالجة سبب الأعراض.
وجديرٌ بالاعتبار أنّ العلاج الأوليّ يمكن أن يؤدّي إلى الألم و عدم الرّاحة و لكنّ ذلك سرعان ما يتم إخضاعه عندما تصبح الفقرات قادرةً أن تتحرّك بحرّيّة أكثر و العمود الفقريّ بالكامل يصبح أكثر مرونة.
إن التمارين الأرضيّة المخصصة قد صممت لمنع عودة المشكلة و المريض يقدر أن يستمرّ في حياته بعموده الفقري ّمنتعشاً و متعافيا) وكذلك رصيده بالبنك، بدون الحاجة إلى ضياع ثروةٍ في الجراحة).
العلاج الجراحيّ
من اللازم تذكر أن العمود الفقريّ ميكانيكيٌ بكامله، بالرغم من أنه مكونٌ بصورة مدهشة من العظام والعضلات والأنسجة. لهذا فإن أفضل طريقة لمعالجة مشاكل الظهر تتم باستخدام الطرق الجسديّة.
وعندما تتم فهم ميكانيكية العمود الفقريّ بدقّة فلن يكون ثمة احتياج للجوء إلى الجراحة لإزالة أو تعديل شيء قدّ خلقه المولي تعالى لغرضٍ محدّدٍ.
وأنا لست من مؤيدي جراحات العمود الفقري، باستثناء الحالات التي يكون العمود الفقريّ قد تعرض لإصابة مؤلمة خطرة تهدد الحياة وتتطلب عملية فوريّة للإنقاذ. وهناك 300,000 جراحة للظهر يتم إجراءها كل سنة في الولايات المتحدة الأمريكية، ولكني مازلت، خلال سنوات خبرتي التي تصل إلى 30 سنة من الخبرة الإكلينيكيّة، أنتظر مقابلة شخصاً واحداً يستطيع أن يقول بأمانةٍ أن يقول أن حالته قد تحسّنت بسبب الجراحة. وليس هناك شيء أسوأ من اللجوء للجراحة في حالة شخص ما عندما تكون طرق العلاج الأفضل متاحةً بدونها، لاسيما وسجلات جراحات العمود الفقري حافلة بحالات الفشل.
الأدوية و مسكنات الألم
إن معظم الناس لديهم الاحترام للأدوية الصيدليّة الموصى بها من قبل الطبيب أو تلك المتاحة بدون تذكرة طبية (روشتة) آخذين في اعتبارهم قدرتها علي التخفيف من الألم. ولكنّ تلك المُسَكِنات تبقى عاجزة تماماً عن التعامل مع مشاكل الظهر الناتجة من أسبابٍ ميكانيكية. إن العلاج الطبيعي البدني وحده هو القادر عملياً ، و بأمانٍ، أن يحرّر عصباً محبوساً. فإنه ببساطة ليست هناك في الأسواق عقاراتٍ يمكنها أن تحقّق ذلك، وربما لن يتاح ذلك أبداً. إن حقن الكورتيزون المتاحة تحقق غرضها من خلال تخدير الأعصاب لفترة (فالكورتيزون سام بدرجة كبيرة و لا يجب أن يعط لأكثر من مرّتين في السنة) و الحقن الأخرى المضادة للالتهاب لا تعالج أسباب مشاكل العمود الفقري.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق